بغداد/ المسلة:
في وقت حذر الأمين العام للأمم المتحدة ، بان كي مون، والمديرة العامة لليونسكو، ايرينا بوكوفا، بمناسبة اليوم العالمي للصحافة الذي يصادف اليوم الجمعة من أن "حرية التعبير تواجه مخاطر جديدة في العالم، ودعيا الى التصدي لهذه الظاهرة" ، فان
صحافيين عراقيين التقتهم " المسلة " ، يؤكدون على ان الانفتاح الاعلامي الكبير في العراق بعد العام 2003 ، وهو عام زوال الدكتاتورية في البلاد ، اتاح للصحافيين حرية النشر وقول الحقيقة ، لكن ما يزال هناك الكثير لتحقيق صحافة مستقلة في بيئة آمنة يقول الصحافي فيها كلمته بلا خوف من اضطهاد او تهديد او اغتيال بالكواتم والسيارات المفخخة.
و لا ينكر الناس في جميع البلدان بان مهنة الصحافة هي مهنة المتاعب ، اذ فقد الكثير من الصحافيين حياتهم اثناء تغطيتهم لأخبار الحروب والكوارث ، ورُمي بآخرين في السجون والمعتقلات لمواقفهم المبدئية تجاه الاحداث ، لينالوا ثمن وشجاعتهم في البلدان التي تشكل فيها صحافة المديح والتبجيل الصفة البارزة في الخطاب الاعلامي.
وبحسب الامم المتحدة فان نحو 600 صحافي لقي حتفه خلال السنوات العشر الأخيرة في مناطق خالية من النزاع ، وفي العراق كانوا هناك العشرات من الصحافيين من ضحايا التفجيرات والقتل العمد منذ العام 2003.
ويؤكد الاعلامي والكاتب عبد الرحمن الماجدي في حديثه الى " المسلة " على ان العراق "اول بلد عربي فيه اكبر عدد من وسائل الاعلام لكنها المسيرة سياسيا للأسف في وضع عليل ، فتكون حرية الصحافة بموجب ذلك في وضع عليل ايضا ، وفي بلدان الشرق الاوسط اذا صلحت السياسة صلح كل شيء. فكيف ستكون الحرية وحرية الصحافي خاصة مع هذا التشنج الذي يتخلل وسائل الاعلام ليس كطرف رقابي بل جزء من الصراع السياسي. ويضيف الماجدي : ستكون حرية عليلة لا تجد من يضمد جراحها في خضم الصراع الطائفي الذي يتناهب البلد".
ويسترسل: " لكن لا يمكن مقارنة وضع الصحافة العراقية اليوم بالعهد السابق قبل عام 2003 ، فهي اليوم سلطة مع وقف التنفيذ بسبب اعتلال العملية السياسية كما قلت ، ما نريده كصحافيين في العراق تأمين الوصول للمعلومة وتوفير حصانة للصحافي لانجاز عمله بيسر. و اقول الصحافي وليس المحسوب على هذه المهنة التي تمددت في العراق وباتت في كثير من الاحيان مهنة من لا مهنة لهم ".
وقال كي مون في كلمته بمناسبة هذا اليوم :" مرتكبو جرائم القتل التي تستهدف الصحافيين لا يحاكمون في تسعة من أصل كل عشر حالات ، ويعاني عدد كبير من الإعلاميين من ممارسات التخويف والتهديد وأعمال العنف كما يتعرض كثيرون منهم للاحتجاز التعسفي والتعذيب، ويحرمون في غالب الأحيان من إمكانية الحصول على المساعدة القانونية اللازمة".
وفاقت اعداد الصحافيين والمراسلين القتلى في الحرب في العراق أي حرب حديثة أخرى، حيث قتل ما لا يقل عن 112 محررا ومراسلا ومصورا صحفيا وأربعون يعملون في مهن مساعدة للصحفيين مثل المترجمين والسائقين أثناء العمل في العراق منذ بدء الحرب في مارس/ آذار 2003، طبقا لتقرير اصدرته لجنة حماية الصحفيين، التي تأسست عام 1981.
ويذكّر الكاتب والإعلامي هادي الحسيني في حديثه الى " المسلة " بأن "الصحافة التي تُسمّى بالسلطة الرابعة ، هي صاحبة جهد كبير ومهم في الساحة العراقية بوجه خاص والعربي بوجه عام ، وبعد ان عانت الكثير من قمع الحريات بالفترات السابقة وانطلقت حريتها بعد سقوط النظام العراقي عام 2003 فانتشرت الصحف والفضائيات بشكل مذهل وأصبحت الحرية شبه مطلقة في الراي ، إلا انها للأسف الشديد أخذت بعض الصحف والفضائيات تبتعد كثيرا عن ممارسة تلك الحرية بسبب الاصطفاف الطائفي التي ذهبت بنا الى منزلقات بعيدة ".
ويتابع قائلا :" مازالت الكثير من وسائل الاعلام تمارس هذا السلوك ، مازلنا دون اعلام وصحافة حرة باستثناءات قليلة جدا "
ويختتم الحسيني حديثه بتحية يوم الصحافة في العراق لرجالاتها : " تحية الى الذين رحلوا عن الدنيا والباقون مازالوا يمارسون كتاباتهم الصحفية بطريقة محايدة تحاول ترميم ما افسدته الاحزاب الطائفية ".
وكان كلاً من بان، وبوكوفا، دعيا في رسالتهما، الى "التصدي بعزم لهذا النوع من انعدام الأمن والظلم ، وقد اختير موضوع (التحدث بأمان: ضمان حرية التعبير في جميع وسائل الإعلام)، ليكون محور اليوم العالمي لحرية الصحافة في هذا العام من أجل تعبئة المجتمع الدولي لحماية سلامة جميع الصحافيين في جميع البلدان ولكسر الحلقة المفرغة التي تجسدها ظاهرة الإفلاتمن العقاب".
و يشير الكاتب والأكاديمي كريم شغيدل من مركز دراسات الجامعة المستنصرية في حديثه الى " المسلة " الى ان " هناك حرية لا محدودة لكن لا توجد استقلالية بالتالي هناك فقدان للمهنية والموضوعية والإسهام الحقيقي ببلورة الرأي العام الإيجابي، إلى جانب معاناة الصحافي من ترصد ( الملثمين ) ومخاطر المواجهة غير المتكافئة مع الجماعات الإرهابية المستندة إلى فكر تكفيري ليس فيه حرمة للإنسان حياً أو ميتاً ".
وفي كلمتهما بمناسبة اليوم العالمي للصحافة دعيا بان، وبوكوفا، الى " سلامة المدونين ، والصحافيين المواطنين ، والمنتجين في مجال وسائل الإعلام الاجتماعية ، ومصادرهم ، التي تتعرض لتهديدات متنامية".
وأضافا انه "إلى جانب المخاطر التي تهدد سلامتهم البدنية ، يُستهدف هؤلاء الأشخاص بأعمال عنف نفسي وعاطفي من خلال الهجمات السيبرنية ، والانتهاكات التي تمس بسرية البيانات ، وممارسات التخويف ، وأعمال المراقبة غير المشروعة ، وخرق الخصوصية ".
وينبّه الاعلامي والكاتب والشاعر طارق حسين في حديثه الى " المسلة" عن مشهد عراقي مشوش وملتبس ولا أحد يستطيع أن يجد فيه المساحة الكافية من الوضوح ".
ويطّرد في القول :" مازلنا جميعا نعاني من شبح الماضي ، لا الساسة الجدد في العراق استوعبوا التحول الديمقراطي وامنوا به ، ولا نحن كأفراد مؤهلون لاستيعاب هذا التحول المفاجئ ".
وأردف في حديثه :" هذا الموضوع ينسحب على جميع مفاصل الحياة , ومنها العمل الصحافي ألذي أسيئ استخدامه ".
ودعت الامم المتحدة بمناسبة يوم الصحافة العالمي " جميع الحكومات والمجتمعات والأفراد إلى بذل قصارى جهدهم لحماية سلامة جميع الصحافيين، سواء أكانوا يعملون في وسائل الإعلام التقليدية أم على الإنترنت.. ولكل فرد الحق في إسماع صوته، وينبغي أن يكون الجميع قادرين على التعبير عن آرائهم بحرية وأمان".
وفي حديثه الى " المسلة " يرى الاعلامي العراقي وسام الطائي من المكتب الاعلامي لمجلس محافظة بابل ان هناك " صعوبة الوصول الى مواضع الخلل و عدم معرفة الحقائق بشكل دقيق بسبب الاجراءات الامنية وعدم دعم الصحافي ماديا و معنويا في عمله على كشف الحقائق امام الرأي العام ".

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق